تسويق المصيدة

تسويق المصيدة

تسويق المصيدة

لتبيع أكثر، قدم منتجاً شبيهاً  ولكن بجودة أقل..

الكاتب: روجر دولي

ترجمة: ندى الجمل

تدقيق: منيرة المضحي

 

هل ترغب ببيع المزيد من المنتجات أو الخدمات؟.. إليك فكرة غير متوقعة.  قدم لعملائك منتجاً شبيهاً ولكنه ذا جودة أقل بنفس السعر تقريباً. من غير المحتمل أن يقوم العملاء بشراء العنصر الأقل جاذبية، لكن حتماً سترى زيادة في مبيعات العنصر الذي تحاول بيعه. هذا هو التسويق المصيدة.

 

مصيدة ممر الحلاقة:

لنطرح مثالاً من الواقع، آخر مرة احتجت فيها إلى جل الحلاقة وجدت نفسي أمام العديد من الخيارات، فهناك الجل والكريمات الرغوية لاستخدامات مختلفة كتلك التي تُستخدم “للبشرة الحساسة” والتي تحتوي على ” الصَبِر*” وكذلك الخاصة “بتنظيف البشرة و تصفيتها”،  وغيرها الكثير.

وقفت هناك محتاراً بين الخيارات، و لاحظت وجود علبة جل أطول من البقية وسط الكثير من منتجات الحلاقة. كانت هذه العلبة متطابقة مع العديد من العلب الأخرى من علب الجل ” المطور” ولكنها كانت أطول بإنش أو إنشين وتحتوي على مقدار إضافي من المنتج. وأفضل ما في الأمر، هو أن المنتج يبدو بنفس سعر العلب القصيرة. تفحصتهم لبضع ثوانٍ أخرى للتأكد من أنني لم أغفل شيئًا، و بالفعل لم أغفل عن شيء،  ذات المنتج بنفس تصميم العبوة و نفس السعر ولكنه يحتوي على نسبة 20٪ أكثر من المنتج. تلاشت حيرتي، فلم يكن لدي أي فكرة عن ما يعنيه أن يكون جل الحلاقة ” مطور” أو كيفية مقارنة ذلك بما يحتوي على “الصَبِر”، ولكنني أمسكت بأكبر عبوة وبحثت قليلاً ووجدت أخرى في الخلف، واتجهت إلى المحاسبة بكلتا العبوتين.

 

كيف تحولت حيرة المشتري إلى عملية شراء أكبر من المتوقع بهذه السرعة؟ الجواب:  تسويق المصيدة. وكانت المصيدة في هذه الحالة غير مقصودة، ولكن هناك العديد من الطرق تمكن المسوقين من استخدام هذه التقنية لتوجيه العملاء نحو القرار.

 

كان إدراج عبوة كريم الحلاقة الكبير جداً في رف عرض منتجات الحلاقة بمثابة حادثة غير مقصودة فقد تم ترك عبوات قليلة من المنتج من عرض ترويجي سابق. لكن المبدأ سار على ما يرام حيث كانت علب الحجم العادية في هذه الحالة هي المصيدة. بمجرد أن وجدت منتج متطابق تقريباً و يمثل قيمة أفضل، كان هذا هو الخيار الصحيح.

 

تجربة أريالي ‘Ariely’  في مصيدة التسعير الكلاسيكية

“النسبية” هي العنصر الرئيسي في تسويق المصيدة.  فأدمغتنا ليست جيدة في تقييم القيم المطلقة ولكنها على استعداد دائم لمقارنة القيم والفوائد. عند استغلال ذلك بشكل استباقي من قبل المسوقين يمكنهم استخدام منتج أو عرض كمصيدة/طُعم لجعل منتج آخر يبدو ذا قيمة جيدة، وربما حتى بدون حاجة للتفكير في ذلك إذا جاز التعبير. 🙂

 

في كتاب ‘توقع اللاعقلاني Predictably Irrational’  ( الكتاب رائع للمهتمين بالتسويق العصبي والاقتصاد العصبي) ، يصف المؤلف دان أريالي  Dan Ariely تجربة استخدام عروض الاشتراك في المجلات كمعظم تجاربه المخادعة حيث يطلع على أحد العناوين  بين مجموعتين للاشتراك في مجلة  The Economist.

 

العرض أ:

59 دولار- اشتراك انترنت فقط ( اشترك 68 شخص)

125دولار – اشتراك انترنت ونسخة مطبوعة ( اشترك 32 شخص)

الإيرادات المتوقعة : 8,012 دولار

 

العرض ب:

59 دولار – اشتراك انترنت فقط ( اشترك 16 شخص)

125 دولار – نسخة مطبوعة فقط ( لم يتم اختياره)

125 دولار – اشتراك انترنت ونسخة مطبوعة ( اشترك 84 شخص)

الإيرادات المتوقعة: 11,444 دولار

 

نتوقف لحظة للنظر في هذه النتيجة المذهلة. فكلا العرضين متماثلان باستثناء تضمين اشتراك “الطباعة فقط” في العرض أ. فقد كان تأثيره دراماتيكياً على الرغم من حقيقة أن شخصاً واحداً لم يختار هذا العرض غير الجذاب، – و 62٪ من العينة اختاروا العرض المتضمن للإنترنت والنسخة المطبوعة، وتصاعدت الإيرادات المتوقعة بنسبة 43٪. فكان عرض النسخة المطبوعة فقط هو المصيدة وعمل على جعل العرض المتضمن للنوعين يبدو وكأنه ذا قيمة أفضل. على الرغم من أن اختبار أريالي أتاح للأشخاص الخيار دون إكمال الصفقة فعلياً باستخدام بطاقة الائتمان، إلا أنه من الواضح أن تقديم مصيدة جعلت العرض المتضمن للنوعين يبدو أكثر جاذبية.

المصيدة في السفر

في نفس اليوم الذي كتبت فيه هذه المقالة، كنت في رحلة جوية على متن طيران الخطوط المتحدة ودققت في أسعار الإنترنت اللاسلكي، واتضح من خلال نظرة خاطفة أن شخص ما في شركة الطيران فهم تسويق المصيدة.

 

استغرقت الرحلة حوالي 4 ساعات وكانت التسعيرة المقدمة كالتالي:

ساعة واحدة – 14.99 دولار

ساعتان – 18.99 دولار

رحلة كاملة – 19.99 دولار

 

ربما كان من الأسهل تقديم سعرين فقط – سعر ساعة واحدة وسعر الرحلة بالكامل- ولكن ثمن الساعتين الذي يقارب تكلفة السعر المقدم للرحلة كاملة يعد مصيدة. يمكن للمرء أن يتوقع حزمة الرحلة الكاملة هي الخيار الأفضل مبيعًا. تشير الأبحاث التي أجراها أريالي إلى أن بعض العملاء الذين ربما اشتروا ساعة واحدة سيدفعون ثمن الرحلة بالكامل في ظل حالة المصيدة.

 

كيفية عمل المصيدة

وفقًا لأريالي فإن المصيدة تغير السلوك عند الاختيار بين البدائل المتقاربة في الجاذبية. يقدم أريالي مثالاً على الاختيار بين رحلة إلى روما ورحلة إلى باريس وكلاهما يشتمل على وجبات إفطار مجانية. قد تكون عملية اتخاذ القرار بطيئة مع تساوٍ في تفضيل الخيارين. ثم يقترح أريالي أن من شأن تقديم مصيدة الرحلة إلى روما بدون إفطار أن يجعل الرحلة الأصلية إلى روما أكثر جاذبية، وأنه بالنظر إلى تلك الخيارات فإن الرحلة إلى روما مع وجبة الإفطار ستتفوق بسهولة على رحلة باريس المماثلة.

 

لذلك وبالعودة إلى موضوع جل الحلاقة عند تلقي متجر الأدوية شحنة من العبوات الترويجية ذات نسبة 20٪ إضافية من المنتج، فقد يكون رد الفعل الأول هو إزالة العبوات العادية من الرف حتى ينتهي المخزون الترويجي. فأي عميل سيكون غبياً بما يكفي لشراء العلبة الصغيرة عندما تكون العلب الأكبر بنفس السعر؟

 

ومع ذلك فإنه وفقاً لمنطق تسويق المصيدة ينصح المتجر بترك عدد قليل من العبوات الصغيرة على الرف مع عرض العبوات الأكبر حجماً. وبقدر ما يبدو الأمر غير عقلاني يبدو أن وجود بعض العبوات الصغيرة من شأنه أن يعزز مبيعات العبوات الترويجية الأكبر بل حتى أنه يستحوذ على حصة المنتجات المنافسة في السوق التي تأتي بطبيعتها بحجم أكبر.

 

المصيدة في العقارات

لقد مر بعض الوقت منذ أن بدأت التسوق من المنزل، ولكن وفقاً لتجربتي يقوم وكلاء العقارات في كثير من الأحيان بإعداد جولة للعديد من المنازل ذات الأسعار المتقاربة جاعلين أكثر الأماكن المرغوبة في نهاية الجولة. ويبدو لي هذا كنوع آخر من أنواع تسويق المصيدة. وخاصة عندما يشكل المنزل قبل الأخير مقارنة سيئة للغاية مع تلك التي يأمل الوكيل في بيعها لك ( مثلاً  السعر نفسه تقريبًا ولكن يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات).

 

يقترح أريالي أن هذا سيكون أكثر فاعلية عندما تكون المقارنة بين منازل متشابهة نوعا ًما.  لنأخذ على سبيل المثال منازل على الطراز الاستعماري بطابقين وتحوي نفس عدد غرف النوم. إن عملية شراء منزل تعتبر معقدة ومحفوفة بالمخاطر ومكلفة أيضاً وقد يكون من الصعب جعل المشتري يتخذ قراراً – حتى عندما يعلم/تعلم بضرورة ذلك. ويتعلم الوكلاء العقاريون الأذكياء من ذلك أن المقارنات تعد جزءً أساسياً من عملية المشتري، وأن اختيار المنازل المناسبة للزيارة هو جزء أساسي في الاتجاه نحو اتخاذ القرار.

 

هل بإمكان المصيدة مساعدتك في مبيعاتك؟

لا أدعم أي من التقنيات التي تدفع العميل إلى شراء ما لا يحتاجه أو يريده. لكن يواجه العملاء في بعض الأحيان صعوبة في الاختيار بين البدائل ويكونون بحاجة إلى دفعة صغيرة في إتجاه أو آخر للحصول على المنتج الذي يحتاجونه. فعلى سبيل المثال كنت سأشتري جل الحلاقة في ذلك المتجر بغض النظر عن سبب اختياري، لكن المصيدة الغير المقصودة قادتني إلى نقطة اتخاذ القرار وباختياري بسرعة أكبر مما لو كنت قد قضيت بضع دقائق أخرى في التفكير في مقارنة الجل أم الرغوة والصَبِر المخصص للبشرة الحساسة أو الحجم الصغير الأرخص مقابل الحجم الكبير باهظ الثمن وهلم جرا.

 

تحاول معظم الشركات عند إنشاء عروض منتجاتهم التوصل إلى أفضل العروض وأكثرها جاذبية – وهي ممارسة أؤيدها بالكامل. ولكن قد تؤدي إضافة عرض أقل جاذبية في بعض الأحيان إلى تحقيق المزيد من الصفقات على العروض الأفضل دون الإضرار بالعميل بأي شكل من الأشكال.

 

لذلك وفي المرة القادمة التي تقدم فيها عروضاً “جيدة وجيده جداً و ممتازة”، فكر في تقديم عرض “غير جيد” يكون شبيهاً بالعرض الذي ترغب بأن يكون رائجاً، وفي حال ارتفاع مبيعاتك ستعلم أن مصيدتك تعمل بشكل جيد.

 

رابط المقالة الأصلي