المستشار التسويقي

mca > مقالات الأعضاء  > المستشار التسويقي

المستشار التسويقي

 

الدكتور محمد عبدالله العوض

أستاذ الإدارة الاستراتيجية والتسويق

 

مع زيادة عدد الأعمال وتطور بيئات عملها المستمر والتعقيد التي تواجهها تلك الأعمال داخلياً وخارجياً، تزداد الحاجة إلى الاستشارات المتخصصة لمساعدة تلك الأعمال في نموها والتخفيف من مواجهة تلك التحديات.

 

حيث إن هذه الحاجة تزيد من الطلب على الاستشارات المتخصصة. سيكون حديثنا في هذا المقال وفي مقالات لاحقة بإذن الله حول مجال محدد من مجالات الاستشارات المتخصصة وهو مجال الاستشارات التسويقية.

 

لعلنا نعرج على تعريف عام وموجز عن من هو المستشار التسويقي؟ المستشار التسويقي بأبسط مقولة هو شخص خبير في مجال التسويق يدعم خبرته بمعلومات تخصصيه وخلفية متينة في مجال التسويق، لديه القدرة على تقديم التوجيه والارشاد بطريقة مناسبة لجهة معينة أو لشخص آخر.

 

 

وإذا أردنا ان نبسط تعريف مهمة المستشار أو نسهل العمل الذي يقوم به فإنه يمكننا القول إن كل ما يقوم به هو التشاور و تقديم المشورة. فليس لدى المستشار عصى سحرية لحل المشكلات التسويقية التي تواجه أصحاب الأعمال إلا أنه يجيد فن التشاور والحوار للوصول معهم إلى نتيجة أفضل من الموقف الحالي. هذا التبسيط ليس على إطلاقه فهو لا يخلو من أسرار خفية في العمل الاستشاري مما تجعل المستشار أكثر نجاحاً من الآخر.

 

 

ففي واقع الأمر، نواجه مستشاراً تسويقياً جيد وفي المقابل نواجه مستشارين سيئين مما يجعلنا نبدأ رحلة البحث عن بعض تلك الأسرار التي تحدث فرقا حقيقيا بين المستشارين وتجعل العمل الاستشاري مميزاً ومفيداً. نستطيع من خلال ذلك أن نتعرف على مستشار يقدم مشورة مبنية على خبرة وعلم ودراية مدعمة بمعلومات صحيحة ومعرفة دقيقة بموضوع الاستشارة مع إتقان لأساليب التشاور والحوار والاحتراف في تقديم الحل المناسب للمستفيد.

 

 

فإذا كنت ترغب بالدخول في عالم الاستشارات التسويقية أو كنت تبحث عن مستشاراً تسويقياً فإن من أهم أسباب الاختيار هي الخبرة التسويقية. الخبرة في مجال العمل من أهم و أول تلك الأسرار، فعندما يكون لديك سجل حافل بالإنجازات السابقة فستجد أن تلك الإنجازات هي التي تتحدث عن نفسها. الخبرة هي حصيلة تاريخية لمعلومات متراكمة ومعارف مرتبة بشكل يمكن للمستشار أن يستفيد منها لتقديم استشارته للمستفيد، فالمستفيد ليس حقل تجارب لأفكار جديدة لا تستند إلى مواقف مشابهة وتجارب سابقة وناجحة يمكن تكرارها. كما يرتبط بالخبرة سر أخر وهو المعرفة، حيث أن لها أبعاد كثيرة، منها انهماك الممارسين للعمل يجعلهم في كثير من الأحيان غير قادرين على التعرف على المشكلة، فإذا كان المستشار التسويقي لديه المعرفة الكافية بمجال العمل محل الاستشارة فسيكون قادراً على التعرف على المشكلة واكتشافها بشكل أسهل من الممارسين المنهمكين في التفاصيل.

 

 

التعليم هو أحد تلك الأسرار التي لا تقل أهمية عن الخبرة وهي مرتبطة بها ارتباط قوياً من جانب المعرفة والمعلومات التي يستند عليها الخبير أثناء تأدية مهمته ويدعم بها ما يقدمه من استشارات حتى لا تكون مجرده من الرصيد العلمي المنهجي الذي يمكن الرجوع إليه وتكراره عند الحاجة لذلك. هذا من جانب، إلا أن هناك جانب أخر وسر مهم من تلك الأسرار مرتبط بالتعليم أيضا، ألا وهو أن يكون المستشار قادر على نقل خبراته ومهاراته وأساليبه في التعامل مع المشكلات إلى العاملين في الجهة المستفيدة بطريقة تساعدهم في التعامل مع المشكلات التي تواجههم في مجال عملهم وتجعلهم على استعداد تام للاستمرار في النجاح والنمو في أعمالهم بعد مغادرة الاستشاري لمقر العمل.

 

 

في كثير من الأحيان لا يحتاج الممارسين إلى من يساعدهم في حل المشكلة التي يتم اكتشافها؛ بل إنهم يحتاجون إلى من لديه القدرة على إقناعهم وتأييدهم فيما لديهم من حلول ويساعدهم في اتخاذ القرار الصحيح لاختيار الحل المناسب. هذا السر نسميه أحيانا بالقدرة على التحاور والإقناع للوصول إلى البديل المناسب لتوفير الوقت والجهد في التردد بين الحلول الممكنة. كما يرتبط بهذا أيضا القدرة على تغيير بعض مفاهيم العمل القديمة وتحفيز العاملين على التغيير بتعامل جيد وصداقة حميمة مع الجميع.

 

 

الديناميكية في الانتقال بين الأنشطة التسويقية الاستراتيجية التي تمتد إلى أشهر أو سنوات وبين الأنشطة التكتيكية التي يحتاجها العمل بشكل يومي هي أنشطة التواصل مع فئات العملاء المختلفة. على سبيل المثال، تحتاج إلى توازن بين التواصل اليومي من خلال وسائل التواصل المختلفة وبين الموقف النهائي البعيد وكذلك الانطباع الدائم الذي ترغب أن يترسخ في أذهانهم عن منشأتك ومنتجاتك. هذه الديناميكية هي سر مهم من أسرار الاستشارات التسويقية التي يجب أن يتمتع بها المستشار التسويقي ويطورها مع مرور الوقت وأن يكون لديه اللياقة الذهنية الكافية للتردد بين هذه الأنشطة والتوازن فيما بينها.

 

 

القرب الدائم من الأسواق وفئات العملاء الحالية والمستقبلية والإطلاع على التغيرات التي يتعامل معها السوق هي سر من أسرار الاستشارات التسويقية. فإذا أغلق المستشار الباب على نفسه في مكتبه الاستشاري فمن أين له أن يتعرف على الحاجات الحقيقة والسلوكيات الواقعية التي يمارسها السوق بشكل يومي. إن المشاهدات السوقية والنزول إلى السوق والتعامل مع العملاء هي السر الأساسي الذي يضاف إلى المعارف الثانوية التي يمكن الحصول عليها من أي مكان وفي أوقات مختلفة.

 

 

مما سبق تبين لنا بعض الأسرار المتعلقة بشخصية المستشار التسويقي والتي تساعد المستشار على تقديم مشورة أفضل كما أنها تساعد المستفيد للتعرف على المستشار المناسب وسيكون للحديث بقية عن المستشار التسويقي وعن الاستشارات التسويقية من جوانب كثيرة ومتنوعة في مقالات قادمة بإذن الله تعالى.